afterheader desktop

afterheader desktop

after Header Mobile

after Header Mobile

الهجاء في الشعر الحساني

بقلم: ذ. السالك بوغريون

 

 

نشط هذا الغرض في فترات سابقة حيث استعمله الشاعر كسلاح يشهره في وجه الأعداء والطامعين، والشاعر الحساني عندما يهجو يكون مدفوعا بدافع الغضب الشخصي الأمر الذي يجعل أحاسيسه ومشاعره تكون صادقة وساخنة[1] رغم مبالغته في النعوت والأوصاف التي يضفيها على المهجو سواء كان فردا أو قبيلة، ونظرا لحساسية الهجاء خصوصا في نهش عرض المهجو وجعله أضحوكة، فقد تم التحفظ والتأثم من تدوينه وروايته.

يقول الشاعر:[2]

مــــولانَ حَشَاه امن المَيل

وجهك فالنزل اسْهَ عنُّ

وأشين خلقُ كامل كوجيل

وأنت كوجيل أشين منُّ

 

يبين الشاعر عيب المهجو ويقول بأن الله – وحشاه من الخطأ- عندما كان يخلق وجهه سها عنه فجاء أقبح من كوجيل، وكوجيل هو طائر قبيح الوجه يوحي بالخوف والبؤس.

ويقول سيدي الحمداني:[3]

كنت انظن انك مشعـورَ

واذكرتك فاطلع مشكورَ

وابغيتك بعد اعلَ صورَ

زيـــــــنَ يَختِ ماهِ شَينَ

يغير انت ڭاع اليــــــورَ

فيــــــك الَّ دهراً حزينَ

كــــــــذَّابَ زاد امخمورَ

واحنَ ذا ما يصلح فيـنَ

وامنادم شافك باليقيــــن

يعرف عنِّك مانك زيـنَ

وأنا ڭاع اشتميت إليـــن

عت انخـــرس ذِ العيِّينَ

 

المعنى:

كنت أظــــن أنك جذابة/ وذكرتك في قصائد ممدوحة

وأحببتك على صورة/ جميلة – يا أختي- وليست سيئة

لــــكــــــــــــــــن ما يُرى/ فيك أنك دائما حـــــــــزينة

وكـــــــــــــــذابة ومتكبرة/ ونحـــــــــــن لا نتقبل ذلك

وشخص أمعن فيك النظر/ سيعـرف أنك لست جميلـة

وأنا ماذا وقع لي حتـى/ أصبحت أنظر إلى نوعــــــك.

ويقول محمد السويح في هجاء أحد جيرانه:[4]

رســــــــــــــــــــــول الله واحســانُ

ما يڭدر شـاعر يعبرهـــــــــــم

وصى فالســيــــــــــــــــــــرَ ديوانُ

اعلَ الجـيران اُقــــدرهــــــــــم

ولَّ لُـــــــــــــــــــــــكانُ جيــــــرانُ

كيفت جيرانِ يحڭـرهــــــــــــم

 

المعنى:

رسول الله ،كرمه/ لا يستطيع شاعر أن يــــــحصيه

أوصى في السيرة –وصيته-/ بــــــالجيران وقدرهم

ولو كــــــــــــــان له جيران/ كجيراني لاحتقرهــــم.

والهجاء المباشر المقذع قليل في الشعر الحساني بسبب نزوع الحساني إلى “تحاشي الكلام الجارح، ونهش الأعراض بشكل صريح، فيتجنب سافل القول وساقط التعابير” [5]، غير أن هذا لا يمنع من سعيه الحثيث إلى التلميح والإشارة المحملة بالرموز، فيبطن المعنى ولا يظهره، ويتفادى الوضوح والبيان، فيأتي قوله مصحوبا بشيء من الطرافة والخفة يستشعرها المهجو/ المتلقي ويستحسنها أحيانا.

يقول الشاعر في هذا الصدد:[6]

اكرمت اسويدِ إلين اشبع

داير منُّ صحبَ ديـمَ

واثر اسويدِ ما ڭط اسمع

إذا أكرمت الكريــــمَ

 

المعنى:

يقول الشاعر بأنه أكرم المسمى اسويدي وأحسن معاملته رغبةً منه في توطيد العلاقة معه، لكنه يرى بأن اسويدي ربما لم يسمع ببيت المتنبي المشهور الذي يقول فيه: ” إذا أكرمت الكريم” ولم يتمم البيت بل تركه مبتورا يحتاج إلى تتمة، ومن يتمم البيت يكتشف أنه ينطوي على هجاء مضمر يفيد عدم جدارة وأحقية اسويدي بهذا الكرم والإحسان لأن تتمته هي: ” ملكته، وإذا أكرمت اللئيم تمردا” فيكون اسويدي بذلك لئيما لا يستحق هذا الكرم.

 



[1] أحمد بن حبيب الله، تاريخ الأدب الموريتاني: خلاصة جهود تأريخه وتأصيله وتصنيفه، منشورات اتحاد كتاب العرب 1996، ص: 420.

[2] رواية شفوية من الشاعر سيدي الحمداني، 2 شتنبر 2009، العيون.

[3] المرجع نفسه.               

[4] محمد السويح، ديوان ربيع الشباب، مطبعة بني يزناسن، سلا، ط1، 2002، ص: 49.

[5] الطالب بويا العتيك، شذرات من الأدب الحساني، إصدارات مركز طارق بن زياد للدراسات والأبحاث، الرباط، ط 1، 1999. ص: 98.

[6] رواية شفوية من الشاعر سيدي الحمداني، 2 شتنبر 2009، العيون.

تعليقات الزوار
جاري تحميل التعاليق...

شاهد أيضا

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على هذا ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. موافقالمزيد