afterheader desktop

afterheader desktop

after Header Mobile

after Header Mobile

حق تقرير المصير بين المواثيق الدولية وتفرقة الشعوب قضية الصحراء نموذجا



صحراء 24:السالكة سوهايل -رئيسة مؤسسة التجديد للمرأة الصحراوية المغربية

 

 

قال تعالى:﴿وَلاَ تَكُونُواْ كَالَّذِينَ تَفَرَّقُواْ وَاخْتَلَفُواْ مِن بَعْدِ مَا جَاءهُمُ الْبَيِّنَاتُ وَأُوْلَئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ﴾.

 وفي مقامٍ آخر يقول: ﴿إِنَّ الَّذِينَ فَرَّقُواْ دِينَهُمْ وَكَانُواْ شِيَعًا لَّسْتَ مِنْهُمْ فِي شَيْءٍ إِنَّمَا أَمْرُهُمْ إِلَى اللّهِ ثُمَّ يُنَبِّئُهُم بِمَا كَانُواْ يَفْعَلُونَ﴾.

ما جاء في ميثاق الأمم المتحدة والهدف الأساسي الذي أُنشئت من أجله هو “نحن شعوب الأمم المتحدة ، وقد آلينا على أنفسنا أن ننقذ الأجيال المقبلة من ويلات الحرب التي في خلال جيل واحد جلبت على الإنسانية مرتين أحزاناً يعجز عنها الوصف ” لذلك فإن الدول الأعضاء في الأمم المتحدة أكدت بإيمانها العميق بالحقوق الإساسية للإنسان وبكرامة الفرد وقَدره وبما للرجال والنساء والأمم كبيرها وصغيرها من حقوق متساوية ‘ وتبين أيضاً الأحوال التي يمكن في ظلها تحقيق مبدأ العدالة بين الجميع والاحترام المتبادل بين الدول فيما يتعلق بالالتزامات والمعاهدات الدولية والمتفق عليها في القانون الدولي . كما أخذت على عاتقها ملزمة جميع الأعضاء بدعم الرقي الاجتماعي ورفع مستوى الحياة من خلال جوٍ من التسامح والحرية والديمقراطية  والعيش جميعاً في آمن وسلام وحُسن الجوار ، ملزمة بضم القوى وتكاتفها لحفظ السلم والأمن الدولي معاهدة نفسها بعدم استخدام القوة المسلحة في غير المصلحة المشتركة للجميع واستخدام الأداة الدولية في ترقية الشؤون الاقتصادية والاجتماعية للشعوب جميعها .
نصّت مواثيق الأمم المتحدة على حق الشعوب في تقرير مصيرها ضمن ما جاءت به من حقوق ضمنتها للإنسان، لكن هذا الحق جاء في سياق عمل الأمم المتحدة لتحرير الشعوب من الاستعمار، وليس لتفتيت وحدة الشعوب مواطنةً وسيادةً وتراباً وطنياً.

ما يدفعني للكتابة حول هذا الموضوع هو ما وصلت إليه مشكلة الصحراء بين المغرب من جانب والجزائر وجبهة البوليساريو من جانب آخر. فبداية جرت محاولات لتعريب النزاع ولم تنجح إلا بدخول ليبيا على الموضوع لفترة محددة ثم خروجها منها، وبعد ذلك جرت محاولة أفرقة القضية حيث وجدت منظمة البوليساريو (الجمهورية الصحراوية) مكانا لها في منظمة الوحدة الإفريقية ،أيضا لحين من الزمن حيث سحبت كثير من الدول الإفريقية اعترافها ،وأخيرا تم تدويل القضية باستلام مجلس الأمن لملف القضية وأرسلت وفود أممية متعددة ووضعت تقارير واقتراحات ولكن دون نتيجة، فالتوتر بقي سيد العلاقات المغربية الجزائرية وجموع من الصحراويين استمرت تعاني في مخيمات داخل الجزائر أو على الحدود، ودول أجنبية وخصوصا فرنسا والولايات المتحدة الأمريكية توظف هذا الخلاف بين الجارين العربيين المسلمين لابتزاز كليهما وبيعهما مزيدا من السلاح.
لا غرو أن من مهام الأمم المتحدة وخصوصا مجلس الأمن التدخل عندما يصل نزاع ما لدرجة يهدد السلم العالمي، ولكن في ظل السيطرة الأمريكية على مجلس الأمن تصبح هناك انتقائية في تحديد طبيعة النزاعات المهددة للسلم العالمي وفي توقيت التدخل وفي طبيعة التدخل ،الأمر الذي يؤدي لتداخل القانون الدولي مع المصالح، وعليه فإن هذا الاهتمام الدولي بمشكلة الصحراء ما كان أن يكون لولا وقوف قوى خارجية نافذة لا ترغب بان تعرف منطقة المغرب العربي وخصوصا المغرب والجزائر استقرارا يهيئهما للتفرغ للتنمية والبناء الداخلي وخصوصا أن البلدين يتمتعان بكثافة سكانية وثروات طبيعية ومعدنية ونفطية وموقع استراتيجي مما يؤهلهما للعب ادوار قيادية في المنطقة العربية، وبالفعل لعب البلدان هذا الدور، فالدبلوماسية الجزائرية كانت متميزة في كثير من القضايا العربية والمغرب حقق استقرارا سياسيا ملحوظا بالإضافة لإنجازاته في مجال الانتقال الديمقراطي ودوره المتميز في عهد الملك الحسن الثاني في رأب الصدع العربي واحتضان قمم عربية وإسلامية متميزة.
قد يقول قائل إن نزاع الصحراء هو الوحيد من بين نزاعات المنطقة لا علاقة له بنظرية المؤامرة لأنه يدرج في إطار الشرعية الدولية ومبدأ حق تقرير المصير، وما كان أن يتحول لقضية دولية لو لم تحض جبهة البوليساريو باعتراف أنظمة عربية وأفريقية بل ومدهم إياها بالمال والسلاح.
لاشك أن الدبلوماسية المغربية لم تكن موفقة تماما في التعامل مع مشكلة الصحراء دوليا، وهذا على عكس النجاح الذي عرفته القضية وطنيا، إلا أن وصول النزاع إلى المطالبة بإعمال مبدأ تقرير مصير الصحراء تحت إشراف الأمم المتحدة لا يعود لتقصير الدبلوماسية المغربية فقط بقدر ما يعود لغياب الحكمة وحسن النية لدى الجزائر وخصوصا المؤسسة العسكرية التي رغبت بتوظيف مشكلة الصحراء لحسابات سياسية داخلية وكورقة وأداة ضغط في نزاعها مع المغرب ويعود أيضا لوجود رغبة لأطراف خارجية باستمرارية النزاع كما أشرنا،ولولا ذلك لكان من الممكن أن تُحل المشكلة في حينها بما يرضي كل الأطراف .
أوشكت قضية الصحراء أن تُطوى نهائيا عندما تمكن المغرب من تحويل المنطقة المتنازع عليها من صحراء إلى مدن متحضرة تزخر بالمدارس والمصانع، لولا الموقف الجزائري المتصلب وتبني قوى نافذة ورسمية في دول أوروبية و الولايات المتحدة الأمريكية للقضية وإثارتها مجددا وتحويلها إلى قضية دولية. أيضا لا يسعنا إلا أن نستغرب ممن يتبنون أطروحة الانفصال ففي طرحهم هذا يسيرون ضد منطق العصر الذي يسير نحو التوحد والتكتلات الكبرى ، بل نستغرب أن تتبنى دول مغاربية أطروحة انفصال الصحراء بينما ترفع شعارات وحدة المغرب العربي ووحدة الأمة العربية .

إن الذي أساء للعلاقات بين الشعب الجزائري والشعب المغربي ، ليس السياسة ، ولكن الانطباع …لأن السياسة التي لا تجد حلولا لمشاكل ليست بسياسة . ولأن السياسي المحترف الذي يضع العراقيل تلو العراقيل لتعكير حياة الشعوب ليس بسياسي ، والسياسة منه براء …ولأن السياسة هي علم وفن إيجاد الحلول للإكراهات ولو كانت مستعصية . فالصراع بين المغرب والجزائر هو صراع مرضي نفسي يتلون بألوان السياسة ، ينبني على انطباع وإحساس خرافي يلازم العديد من المسؤولين الجزائرين والذين آمنوا دون وعي بأن المغرب “عدو” يريد أن يلتهم أطرافا من الجزائر

تعليقات الزوار
جاري تحميل التعاليق...

شاهد أيضا

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على هذا ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. موافقالمزيد