afterheader desktop

afterheader desktop

after Header Mobile

after Header Mobile

جدلية النخبة و السلطة في صناعة القرار المحلي

 

بقلم: الطاهر حميدوش


لطالما كانت العلاقة بين المثقف و السلطة ملتبسة على الدوام تستضمر توثرات اوديبية حادة تتوزع نفس المثقف و قلبه اساسها صراع لا يهدأ بين رغبتين جامحتين : الإرتماء في احضان السلطة سواء اكانت تنفيدية او تشريعية باعتبارها اب مستبد يحتكر جميع المؤسسات و الهيئات العمومية و غيرها من هيئات تابعة حيث لا مجال لطرف اخر في مشاركته في تدبير و تسييرها و الرغبة الثانية تتمثل في الإبتعاد عن السلطة صونا للكرامة و ايثارا للسلامة أي الفطام عن الدنيا بتوصيف أبي الحيان التوحيدي.
و لعل ما يهمنا هنا هي العلاقة التي جمعت السلطتين التشريعية و التنفيدية مجسدة في ترابط وثيق بين مكونات تمثيلية محلية و اخرى مخزنية باعتبارها ميزة اساسية للنظام المغربي في الجمع الإستثنائي بين المجال التقليدي ممثلا في  المخزن و المجال الحديث ممثلا بباقي المؤسسات التمثيلية الحديثة رغم تباعدهما من حيث المصدر و المرجعية و نتاقضهما في الممارسة السياسية الا انهما يشتركان في اعادة انتاج النظام و اعطائه مبررات الإستمرارية و القوة الإديولوجية و الرمزية التي تكون فاعلة و مؤثرة في زمن الأزمات حسب تعبير المنصف وناس.
لكن الإستثناء هنا ليس في التناغم بين مكونين تقليديين  انطلاقا من  تورط دار المخزن و محاباتها في تسيير الشأن المحلي لنخبة سياسية فاسدة عبر نسج شبكات و لوبيات استقوت بالجهاز التنفيدي على كل من اراد فضح هذه الممارسات و الوقوف ضد رموز الفساد بالمنطقة( واد نون مثلا).

وانطلاقا مما يشكله نهب المال العام من ضرب للحقوق الإقتصادية و الاجتماعية و الثقافية المنصوص عليها في المواثيق و العهود الدولية المتعلقة بحقوق الإنسان و التي تؤكد جميعها على حقوق المواطنين في ثراوات بلدانهم و خيراتها بالمساواة و حقهم في الإعلام و الخبر و الوصول الى مصدره و المشاركة في الشأن العام و المحلي و مراقبته و تدبيره و حقهم في مساءلة كل من يخل بالمسؤولية فالخلفيات التي اسست عليها صياغة ما سمي بالديمقراطية المحلية في اطار هيكلة و اعداد التراب الوطني قد جعل من الهيئات المنتخبة المحلية و الجهوية مجالا خصبا لجميع اشكال الإختلالات و الإنحرافات المتمثلة في تشجيع الزبونية المجسوبية الرشوة  انعدام الشفافية غياب المراقبة كان من اخطر آثارها السطو على الممتلكات و الأموال العمومية لعدد من الجماعات المحلية و لعل التقارير الصادرة عن المجالس الجهوية للحسابات تبين بوضوح هذه الإختلالات على حساب التنمية المحلية.

فالسطة المحلية بكليميم باعتبارها المسؤولة عن اجهزة الرقابة لمتابعة المختلسين بالجماعات المحلية و المجالس الإقليمية و مجالس العمالات و الجهات و مسؤولة كذلك عن هذا النهب و التبدير للمال العام الذي تتخبط فيه لوبيات الفساد و ناهبي المال العام و لعله زواج عرفي بين السلطة المحلية في الإقليم و الهيئات المنتخبة و ممثليها برموزها الفاسدة في وقت قريب.

اليوم الساكنة المحلية بتنصيب الوالي الجديد ممثلا للسلطة المحلية باقليم كليميم و الجهة على العموم تستبشر خيرا لما راكم الرجل من تجارب بتاريخه و انتمائه و حنكته السياسية ودرايته الواسعة بدواليب دار المخزن و اهل الصحراء على العموم بشخصيته القوية كرجل سلطة و اهتماماته بالقضايا الإجتماعية بتركيزه على الفئات المجتمعية المهمشة و النهوض بها بناء على واقع هؤلاء من خلال فتح قنوات التواصل الإجتماعي بين السلطة المحلية و الفاعلين الحقيقيين في هذا المجال دون محاباة و لا تمييز عبر اعتماد و تبني مقاربة تشاركية فعالة و جدية برفع تحديات التنمية المحلية بجميع ابعادها الإقتصادية  الإجتماعية و الثقافية   .


تعليقات الزوار
جاري تحميل التعاليق...

شاهد أيضا

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على هذا ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. موافقالمزيد