صحراء24
لقد كانت الملكية في المغرب تمر بسلسلة من الأزمات الخطيرة بسبب التحركات الجماهيرية والإضرابات الكثيفة, وعانت من محاولتين انقلابيتين 1971م و 1972 م . إن موجة النضالات الجماهيرية في المغرب ابتدأت سنة 1965 م . إذ أن قمع المظاهرات الطلابية يوم 22 مارس فجر التمرد في الدار البيضاء خلال اليوم الموالي . لينتشر مداه إلى المدن الرئيسية في البلاد . ولم يتم إخماد هذه الحركة إلا بعد قتل مئات الأشخاص من طرف الجيش , واعتقال أزيد من 3000 وتم حل البرلمان و أعلنت حالة الطوارئ . لم يتمكن القمع من القضاء على الحركة الجماهيرية , التي لعب الطلبة فيها دورا أساسيا . لكنها على العكس عرفت تصاعد الإضرابات النضالية أكثر فأكثر . خلال سنة 1968م قام 7000 عامل في مناجم خريبكة بإضراب بطولي . وفي صيف 1970/1971 انفجرت تمردات فلاحية في الغرب وسوس والحوز ومناطق أخرى . واعترفت القيادة النقابية , سنة 1971 , بكونها فقدت السيطرة على الوضعية . وبكونها غير قادرة على التحكم في موجة الإضرابات , التي يشارك فيها عمال مناجم خريبكة وعمال النسيج في كل مناطق البلاد ...الخ. وخلال شهر مارس من سنة 1973 شهدت خنيفرة (الأطلس المتوسط ) وكلميمة (الأطلس الكبير ) بداية تمردات مسلحة . و بتزامن مع كل هذا , تعرضت الملكية إلى محاولتين انقلابيتين 1971م و 1972 م .
لقد أدى تظافر سلسلة كاملة من العوامل إلى خلق وضعية جد متفجرة . فبعد مرور عقد على الاستقلال , أصبحت البلاد خاضعة لحكم ملكي فردي, ولم يتم تلبية أي من المطالب الاجتماعية الملحة للجماهير . ولقد زادت الأزمة الخانقة والسياسة الاقتصادية للنظام من مفاقمة الأوضاع . ولقد كانت هناك بالنسبة للشباب عوامل أخرى مؤثرة : أثارت هزيمة الفلسطينيين في حرب 1967م انتقادا قويا للأنظمة العربية البرجوازية و البرجوازية الصغيرة, بالإضافة إلى الانشقاقات داخل الحركة الوطنية الفلسطينية التى أدت إلى ظهور الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين والجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين , المتأثرتين بالأفكار الماوية والثورة الثقافية . ثم الموجة العالمية للتجذر الطلابي بعد لإضراب العالم في فرنسا سنة 1968.
كل هذه العوامل كان لها انعكاس على الفكر السياسي لدى المغاربة . خلال سنة 1970, تعرض كل من (الاتحاد الوطني للقوات الشعبية) ( أ, و , ق , ش) ( وحزب التحرر و الاشتراكية ) (الاسم للحزب الشيروعي ) لانشقاقات يسارية كبيرة بين صفوف الشباب الذين تحولوا إلى الماوية وعملوا على تشكيل إلى الأمام و حركة 23 مارس . بل حتى ( أ , و,ق,ش ) نفسه كان متأثر بالأفكار الراديكالية الماوية .
وهنا احتاج الحسن الثاني إلى استعمال ورقة بشكل استعجالي من أجل تحويل أنتباه الجماهير وقام بالمسيرة الخضراء حتى يشغل الجيش المغربي عن الوضع الداخلي ويبعده عن فكرة الأنقلابات, وفي نفس الوقت ضمان سيطرة المغرب على ثروات الصحراء الغربية . في الواقع , لقد عملت كل الأحزاب و المنظمات المغربية من اليمين إلى اليسار , على تبني موقف النظام الرسمي حول مسألة الوحدة الوطنية المغربية . بما في ذلك حزب الأتحاد الوطني للقوات الشعبية والحزب الشيوعي الحذي بتبنيه لنظرية المرحلتين و اختار الأنبطاح , و اتباع سياسة الملك في جميع المسائل , حتى تغييره لاسمه مرتين تحت ضغط القصر . إن المنظمة الوحيدة التي رفضت الالتحاق بتيار الشوفينية الوطنية كانت هي منظمة إلى الأمام الماوية , التي دافعت عن حق الصحراويين في تقرير المصير.
من كتاب موريتانيا المعاصرة شهادات ووثائق الصفحة 221 /222