afterheader desktop

afterheader desktop

after Header Mobile

after Header Mobile

«التعصّب».. نبتة عصبيّة

 

 

 

صحراء 24

 

 

 

الحياة لا تخلو من الكدر، لا يمكن لكائن بشري أن تمر سنيّات عمره وهي حلوة بالمرة، أو كدرة بالمرة، سعادة، وشقاء، هذه سنن كونية، لكن الأمور تبقى نسبية نوعاً ما، وبحكمة الإنسان ورجحان عقله، يستطيع التكيف مع مجريات حياته، بعض الأحداث، كما يقال تهدّ الجبال، تحتاج إلى تروٍّ، وحسن تدبر، وحساب للعواقب، وهذا بالطبع، لا يضطلع به، إلا فئة محدودة من الناس، يقال لهم (العقلاء والحكماء) وهم من يزنون الأمور بميزان العقل والحكمة، وموازنة النتائج.
ونحن في مجتمعنا، لسنا بدعاً من المجتمعات الأخرى، يطولنا ما يطول غيرنا، نؤثر، ونتأثر في ما حولنا من أحداث، جراء نتائجها المؤلمة أحياناً، عندما تلحظ على أحدهم، توتراً شديداً، تسبره من خلال حركاته ودوران بصره، مباشرة، تحكم عليه بالتعصب، وعندما ترى أحدهم لا يزن كلامه ويهدد ويتوعد ويتلفظ بسيئ القول، تحكم عليه بالتعصب. هنا لن أتحدث عن العصبية القبلية أو العصبية المذهبية والتصنيفات التي تلاحق وتطارد أفراد المجتمع، فهذا أمر قد طفح كيله، وقد كتبتُ عنه كثيراً، لكن ما نحن في صدد الحديث عنه في هذه المقالة، هو نبتة من هذه العصبيات، نرى نارها تشتعل، بسبب الجهل والفقر الثقافي، نتحدث عن عصبية (السلوك والأخلاق) في المجال الكروي الرياضي بالذات.
بعد نهاية مباراة نادي الهلال، وفريق سدني الأسترالي، لا بد من أن تكون المباراة، قد ألقت بظلالها، خاصة لدى المتابع، لمجرياتها ومباراة الذهاب، وما سبقها، وتخللها، وتبعها من تصرفات، كلها، إما أنها في دائرة التعصب، أو أنها تحوم حول حماه.
خروج أحدهم على الملأ في مقطع، لا يليق به، ينضح عصبية، وغير واحد من منسوبي النادي، خلاف من استغل الظرف من المشايخ الذين حشروا الدين والعقيدة في هذه المناسبة، ونتيجة للشحن النفسي، رأينا كيف أقدمت الجماهير على كسر أبواب الاستاد الرياضي في صورة غير حضارية وبعيدة عن الآداب والسلوك، وانتهت المباراة، وخسر الهلال البطولة الآسيوية، فرأينا من الجانب الآخر، كيف كانت تعبيراته في مواقع التواصل الاجتماعي، كانت فرحاً غير منضبط، انهال بالسخرية، وتوزيع النكات، والقشة التي قصمت ظهر البعير. ما رأيته في مقطع، بموقع التواصل الاجتماعي «تويتر» مجموعة تعبر عن فرحتها بخسارة الهلال، بنحر حاش أمام الملأ، في الحقيقة، تصاب بالذهول أمام هكذا مشهد، تقول في نفسك، هل هذه النوعية، تعي حماقتها، أم هي خارج النطاق الأخضر، كل ما رأيناه لا يعدو عصبية وحماقة، تنم عن جهل مطبق، قد عشعش على عقول معظم الجماهير الرياضية، لكن ما يدعو للقلق، ذلك الصمت المريب من رعاية الشباب، ومن وزارة الثقافة والإعلام، ومن الشؤون الإسلامية، هذه الجهات، ابتعدت مسافات عن توعية الشباب بأضرار التعصب وخطورته على الوطن والمجتمع، فمن أمن العقوبة أساء الأدب، أبداً الغرامات والإيقافات من جهة رعاية الشباب، ليست علاجاً ناجعاً، بقدر ما تكون علاجاً مخدراً، قولاً واحداً رعاية الشباب بالأخص، لا تزال مستمرة في غيابها، تحتاج إلى غربلة، تعيد لها هيبتها في زمن سابق، التهاون في تلك العصبيات، يؤدي إلى نتائج وخيمة، فمعظم النار من مستصغر الشرر.

 

بقلم : د. محمد أحمد الجوير

 

تعليقات الزوار
جاري تحميل التعاليق...

شاهد أيضا

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على هذا ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. موافقالمزيد