afterheader desktop

afterheader desktop

after Header Mobile

after Header Mobile

ماذا بعد ترحيب القرضاوي بمبادرة رفسنجاني وهل الاخير وحده مطالب بترجمة الاقوال الى افعال؟ وما هي الخطوة القادمة لوأد الفتنة الطائفية؟

بقلم : عبد الباري عطوان



بعد ما يقرب من الخمسة الايام على التصريحات التي اطلقها الشيخ هاشمي رفسنجاني رئيس مجلس تشخيص مصلحة النظام والرئيس الايراني الاسبق وانتقد فيها بشدة شتم بعض الشيعة لصحابة الرسول محمد عليه السلام، والاحتفال باغتيال الخليفة الثاني عمر بن الخطاب رضي الله عنه، اصدر الشيخ يوسف القرضاوي بيانا ظهر السبت رحب فيه بالتصريحات هذه التي وصفها بأنها “مفاجئة” و”متأخرة”، وقال “اننا نشكره على هذا الموقف الشجاع″.

ترحيب الشيخ القرضاوي، وهو على حد علمنا الوحيد من العلماء الكبار، الذي اقدم على هذه المبادرة، واصدر هذا البيان بإسمه واسم هيئة كبار علماء المسلمين الذي يرأسه، خطوة جيدة على طريق طويل لمواجهة الفتنة الطائفية التي تستشري حاليا وتتصاعد في منطقة الشرق الاوسط بسبب اعمال التحريض المذهبي التي يقدم دعاة ورجال دين على طرفي المعادلة السنية والشيعية.

الشيخ القرضاوي دعا الشيخ رفسنجاني الى ترجمة اقوله الى افعال، وقدم له لائحة طويلة من المطالب نختصرها في عدم اقامة مساجد للسنة في طهران، وتعظيم مكانة ابو لؤلؤة الفارسي المجوسي قاتل امير المؤمنين سيدنا عمر بن الخطاب رضي الله عنه، ومساندة النظام الغارق في دماء السوريين، وقتل السنة على الهوية في العراق.

مطالب الشيخ القرضاوي مشروعة، ولكن للطرف الآخر مطالب ايضا، لا تقل في اههميتها عن مطالبه، لا بد من الاستماع اليها في حوار جدي، وصدور واسعة، ووأد هذه الفتنة قبل ان تهلك الامة بأسرها، فاذا كان الشيخ القرضاوي يطالب نظيره رفسنجاني بترجمة الاقوال الى افعال فإنه وباقي العلماء السنة مطالبين بالشيء نفسه وربما ما هو اكثر.

نعم يجب عدم الاحتفال بأبو لؤلوة المجوسي وتحويل قبره الى مزار، ويوم اغتياله للخليفة الثاني عمر يوم احتفال، فهذا رجل قاتل، واعتدى على رجل كان مثالا في العدل والتفاني في خدمة العقيدة، عاش صارما في تقشفه، ووهب حياته لنشر الاسلام وتوسيع رقعته، وابو لؤلؤة هذا لم يقتله في قصره الفاره بثرياته الباذخة ووسط حريمه، وانما في مسجد وهو يصلي صلاة الفجر ويعود له الفضل، بعد الله ورسوله، في ايصال الهداية الى قلوب الملايين من اهل بلاد فارس، ونقول نعم ايضا لمطلب بناء مساجد للسنة في طهران، ووقف القتل على الهوية في العراق، وعدم مساندة النظام في سورية، ولكن اليس من حق الطرف الآخر ان يذكر الشيخ القرضاوي والكثير من اهل السنة والجماعة بالسيارات المفخخة والعمليات الانتحارية التي قتلت الآلاف من اهل العراق ايضا؟ وان يلفت الانظار الى فتاوى الشيخ القرضاوي نفسه التي حرضت عشرات الآلاف من الجهاديين للذهاب الى القتال في سورية مرفوقين بأطنان الاسلحة ومليارات الدولارت؟

المنطقة ابتليت بحكام يغيرون جلودهم وفق الاملاءات الامريكية عليهم، فهم يصبحون طائفيين يلعبون بالورقة الطائفية القاتلة، ويفتحون القنوات الفضائية المتخصصة في السب والشتائم للآخر اذا اردوا ذلك، ويتحولون الى علمانيين اذا شعروا بخطر هذه السياسات، السيد احمدي نجاد الرئيس الايراني السابق يحل ضيفا عزيزا على عدة عواصم عربية، ويقف جنبا الى جنب مع الملوك والامراء والرؤساء، ويتحول الى شيطان رجيم و”مجوسي رافض” اذا تدهورت العلاقات مع حكومته ولاسباب امريكية ايضا في معظم الاحيان.

الم يعتذر الشيخ القرضاوي لنظرائه العلماء السعوديين لانه انخرط في حوار من اجل التقريب بين المذاهب، والشيعي والسني على وجه الخصوص، في ذروة الحرب الاهلية في سورية، لانه صدق نوايا العلماء الشيعة في فتح صفحة جديدة توحد الامة في خندق واحد ضد اعدائها.

لا نريد ان ننكأ الجراح، ونفتخ الملفات، فالطرفان وقعا في اخطاء قاتلة، ونصر على ان الخلاف سياسي في شقه الاكبر، ويجري توظيفه طائفيا من قبل اطراف اقليمية بتحريض خارجي لا يريد للامة الاسلامية غير التناخر والاقتتال.

نعمم.. نريد افعالا لا اقوالا.. مثلما نريد ترجمة عملية لكل النوايا الطيبة وتفهما وتفاهما متبادلين، وعندما نقول ان جوهر عقيدتنا التسامح، واننا امه وسط، فهنا يأتي دور العلماء لاثبات هذه المسلمات والبديهيات.

التحريض الطائفي بلغ ذروته طوال السنوات العشر الماضية وفي المملكة العربية السعودية خصوصا، وعندما وصلت نتائجه الدموية الى العمق السعودي من خلال هجمة لمتشددين على حسينية في الاحساء فجأة تحول الشيعة الى اخوة، وذهب عليّه القوم للمشاركة في جنازات الضحايا وتقديم التعازي لذويهم، وسط مهرجان اعلامي غير مسبوق، وشدد علماء كانوا رموزا للتحريض الطائفي على اهمية الوحدة الوطنية والتعايش بين المذاهب على قدم المساواة، ودون اي تمييز.

الذين يُذبحون بمئات الآلاف في الحرب في سورية والعراق واليمن، سواء بسبب الحرب الاهلية والصراع على السلطة تحت رايات مذهبية هم من العرب والمسلمين، والعشرة ملايين مشرد هم كذلك ايضا، والحقيقة التي يتفق عليها الجميع انه لن يكون هناك منتصرا في هذه الحرب، فلماذا لا نبحث عن بدائل اخرى للقتل والدمار؟

الشيخ رفسنجاني تقدم بمبادرة، والعلامة القرضاوي رحب بها، وهذه ارضية جيدة للتلاقي يجب البناء عليها للوصول الى مستقبل افضل يتم فيه حقن الدماء، والتوصل الى مصالحة تطوي صفحة الماضي، وتؤسس لعلاقة قائمة على الاحترام المتبادل والتعايش المشترك، فهل يفعلها الرجلان؟ نأمل ذلك، وفي اسرع وقت ممكن.

تعليقات الزوار
جاري تحميل التعاليق...

شاهد أيضا

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على هذا ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. موافقالمزيد