afterheader desktop

afterheader desktop

after Header Mobile

after Header Mobile

همس الساقية الحمراء أصدق أنباءً من الإعلام

الصحراء 24 : بقلم /منصور داهي

حينما أرى بعض المنابر الصحراوية وبعض المدونين في العالم الأزرق يستنكرون عدم تغطية الإعلام المغربي الأكثر قراءة ومشاهدة لما يقع في مدينة العيون وباقي الأقاليم الصحراوية على خلفية فيضان وادي الساقية الحمراء وما سببه هذا الأخير من خسائر بشرية ومادية، ينتابني شعور بالخجل أو عدم الرضى من انتظارهم لهكذا إعلام ليتعاطف معنا بعين الشفقة ،حيث اشعر وكأني أرى أبناء جلدتي يستلطفون و يستعطفون ويظنون أنهم يضغطون ، وهذا مالا أرضاه لهم قبل أن أرضاه لنفسي فهو لا يتناسب مع شيمنا وأخلاقنا ، وحتى لا ننسى فهاته المنابر في يوم من الأيام هي من جعلت من أعضاء لجنة التفاوض لمخيم گديم ايزيك السلمي إرهابيين ومختطفين وقتلة وأنا وأنتم والكل يعرف جيدا أن هؤلاء ليسوا كذالك، بل هم نفسهم من كانوا يتفاوضون مع ممثلي الدولة في أعلى مستوياتها وهم بريئون من كل التهم التي لفقت لهم ، فكيف تحولوا في ضرف يومين من متفاوضين محنكين إلى إرهابيين، آنذاك ربما فهمنا جيدا أن دور هذه المنابر ليس بالصحفي ، بقدر ماهو توجيهي أو تضليلي هدفه التحكم في الرأي العام وشحنه في بعض الأحيان ، وبالتالي فلسنا بحاجة لتعاطفهم ولا لتغطيتهم بل علينا الإستعداد دائما لتلقي الأسوأ من هذا الإعلام الغير نزيه فهذا الإعلام المضلل وللتذكير هو من تغاضى عن فيضانات گليميم وعن خسائرها البشرية ووجه كاميراته وأقلامه إلى فيضان (قادوس) في أحد أحياء مدينة الرباط وصنع من العدم شخصية علال القادوس البطل القومي اللذي أنقذ الرباط من لا شيئ ( وللإشارة فمدينة الرباط تتوفر على بنية تحتية تضاهي مثيلاتها في أوروبا ولم يسبق للأمطار أن سببت فيها مشاكل وهكذا بنية تحتية يدعي البعض أننا نتوفر عليها في العيون ولكن الوادي اللعين كشف المستور ) .
فاجعة طنطان كذالك التي راح ضحيتها عشرات الأطفال من ملائكة العيون لم يعرها هذا الإعلام أي انتباه نظرا لإنشغاله بقضية الشيخ الصمدي التي تزامنت مع هذا الحدث ، الصمدي ذالك الصوفي الخارق اللذي يسرى به من مدينة ألى أخرى ويمتلك كرامات إعجازية ، ولعل المتتبعين لأخبارهم يدركون جيدا حقد أقلامهم لكل ما له علاقة بنا أو بأرضنا ، ومن خلال مداومة متابعتهم لمدة معينة ستدرك لا محالة بأنهم ليسوا أحرار ولا تمتهم علاقة بمبادئ وأخلاقيات الصحافة المتعارف عليها دوليا ، وستستنتج مباشرة أنهم يخضعون لأجندة معينة تنقش سياستها في أدمغة القطيع وهو ما نجحوا فيه هناك وفشلوا في فرضه هنا على أبناء الصحراء الأشاوس و الأذكياء ، لذالك يا إخواني لا يجب أن ننتظر التعاطف من هذه المنابر ولا حتى من الرأي العام اللذي تؤثر فيه بطريقة غبية ، يجب علينا أن نتعاطف مع أنفسنا ونتصالح مع أرضنا ونكشف للعالم بطريقة نزيهة وشفافة الواقع اللذي يعيشه الإنسان في هذه الرقعة الجغرافية، كما يجب أن نعري واقع البنى التحتية والمشاريع التنموية الكبرى التي يطبل بها الإعلام المستعبد ، ولعل الطبيعة ساعدتنا هذه المرة في شخص وادي الساقية الحمراء (النائم المشاكس) اللذي استيقض فجأة ليهمس في أذاننا وكأنه يريد أن يقول شيئ ما أو يرسل رسائل معينة ليفهمها المتلقي بعمق ، وحسب ما فهمته من همس الوادي أن تحطيمه لسد العيون الهش يحمل رسالة ما لطرف ما، وكذالك تحطيمه للقنطرة وعزل الشمال عن إفريقيا يحمل أيضا رسالة مشفرة لطرف أو أطراف معينة ، واقتحامه لجزء من بناء عشوائي لحي في العيون السفلى له دلالة خاصة ورسالة قوية ، كذالك تنظيفه لمطرح مياه الصرف الصحي غرب العيون ونقلها إلى المحيط الأطلسي فيه درس كامل وجب تعلمه وليس فقط رسالة وجب فهمها، وأخيرا وليس آخرا إجتياحه الكامل ومسحه للمنطقة المخصصة لإقامة مشروع دشن مؤخرا في ملكية ادارة الفوسفاط واحتلاله لهذا المكان بعينه اللذي اختار فيه أن يمتزج بمياه المحيط الأطلسي ويستقر على شكل بحيرة هادئة في أرض المشروع و كأنه يسجل اعتراضا على سياستهم عبر انتزاع تلك البقعة بقوة الطبيعة ،آمنت هنا بأنه يعلن تعاطفه ومساندته المطلقة لفئة معينة ظلمت وأراد أن ينتصر لها بطريقته الخاصة .
والغريب في كل هذا الحدث أنه بعد امتزاج المحيط والوادي شوهدت أسماك كبيرة تسبح عكس التيار محاولة اختراق الوادي بقوة ومثابرة محاولة الهجرة إلى تخوم الصحراء عبر وادي الساقية الحمراء ، لعلها هي أيضا تحمل رسالة أخرى من المحيط لا أدري لمن سيبعثها ، وإذا نجحت بالفعل إحدى هذه الأسماك بمعاكسة التيار وشقت طريقها نحو الشرق فستمر من مدينة العيون كما ستمر على بعض القرى شرق العيون إلى أن تصل للسمارة بعد أن قطعت مئتي كيلومتر وإذا أصرت على استكمال رحلتها فعليها أن تتبرك من ضريح الولي الصالح سيدي أحمد لعروسي وتكمل رحلتها نحو منبع الوادي، هناك سينتهي بها المطاف في منطقة قاحلة في قلب الصحراء الكبرى تسمى ( حمادة تندوف ) ليبقى أملها الوحيد في الحياة هو العودة من حيث أتت في رحلة هادئة ومريحة سيتولى فيها التيار عناء السفر لكنها ستبقى دائما معرضة لخطر جفاف الوادي والموت اختناقا بالهواء في بطن الوادي لكنها ستموت بدفئ و شرف بين رمال الساقية في مكانها الطبيعي بدل أن تطهى في أحد مطاعم موسكو الباردة .

 
تعليقات الزوار
جاري تحميل التعاليق...

شاهد أيضا

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على هذا ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. موافقالمزيد